قد تصادفها فى طريقك إلى عملك، أو لمقابلة شخص ما، ومن الممكن أن تقابلها صدفة بميدان الجيش، أم عبده حالها حال الكثير من الغلابة "اللى ماليين" الشارع، تلمح فى وجهها آثار جمال قديم، يبرزه وجهها البشوش الذى لا تفارقه ابتسامتها رغم ما تحمله من ألم وأسى، تحدثك بترحاب شديد وتتمنى منك أن تشترى بضاعتها البسيطة "وتنفعها".
أم عبده التى تشارك ابنها لعبة الشطرنج، بسعادة ورضا تحسبها هانئة البال تقول لـ"كايرو دار" "زوجى قعيد ملازم للفراش ولا يعمل، وكنت أبيع المناديل فى الشارع، وعشان موسم المدارس قولت أجيب القليل من الأدوات المدرسية عشان استرزق، برايتين على كام قلم جاف وقلم رصاص وزينت العربة بالبلالين لجذب الأطفال، ولما الزبون يلاقى أدوات المدرسة، أجيب كمية كبيرة وأبيع لعدم امتلاكى المال الكافى لشراء بضاعة كبيرة".
تنظر أم عبده للعبة شطرنج صغيرة تلعب بها مع ابنها، يقتسمان من خلالها فرحتهما الصغيرة بقضاء وقت ممتع وتقول: "عبده ابنى كان يحلم بها منذ سبعة أشهر، وكل يوم أحوش وأدبر عشان اجبها ويفرح، لكن ظروف المعيشة صعبة والنقود تذهب هباء دون علمك إلى أين ذهبت فتكلفة لعبة الشطرنج سبعة جنيه ونص".
بضاعة أم عبده تتغير بتغير "الموسم" أملاً فى أن تزيد مبيعاتها، فيتسع رزقها وأولادها عبده وصلاح.
تقول "أم عبده" إن ابنها الأكبر صلاح طالب الانوية العامة لا يخرج من غرفتهم الصغيرة القريبة من عربة البضائع، تجنبًا للمشادات والمشاكل فى الشارع، فيما يساعدها شقيقه الأصغر "عبده" إلى جوار الدراسة.
تجلب أم عبده بضاعتها من شوارع الموسكى والعتبة حيث البضاعة بالجملة، "وتمنها يادوب على أد الإيد".
وتذكر "عمرى ما خرجت برة المنطقة، ولا أعرف كيف أركب المترو أوالأتوبيس، وأنا ماشية لقيت تاكسى واستسمحته أن يأخذنى فى طريقه إلى الموسكي، ولكن عند عودتى اضطررت لدفع الأجرة، التى كلفتنى ربع مصروف البيت تقريبا.
ورغم ذلك، لا تمر أبدًا بأم عبده إلا وتراها راضية، تستقبلك بنظرة متفائلة وابتسامة بشوشة، وتحاول جاهدة ألا تغادر "فرشة" بضائعها إلا وأنت "مرضى ومراضيها".