من ألف عام قال ابن حزم فى الأندلس " من تصدر لخدمه العامة، فلابد أن يتصدق ببعض من عرضه على الناس، لأنه لامحاله مشتــوم، حتى وإن واصل الليل بالنهار"
لم تكن سعادتى الكبيرة سببها فوز طلاب مصر القوية فى جامعة أسيوط بـ25 % من مقاعد اتحاد الجامعة... هذا مبعث خوف و قلق ، و هذا محمل مسئولية ، و موطن اختبار ، بل كانت سعادتى و ما زالت بشعور الناس بوحدة الكيان ، أن يفرح الطلاب فى القاهرة و الإسكندرية وبنها والزقازيق والسويس والإسماعيلية وبنى سويف و ..... بنتيجة الانتخابات فى أسيوط ، و أن ينتظر كل منهم نتيجة الانتخابات فى الجامعات الآخرى و يشعر بأن كل مقعد فى أى جامعة هو مقعد إضافى له فى جامعته.
و فى خضم المعركة يعلو صوت المعمعة ، و قد ينخفض صوت الأخلاقيات ، و لأننا من البداية نريد أن نكون حملة رسالة ، لا ندعى أننا لا نخطئ ، فليس بمعصوم أحد ، و ما جعل التطبيق إلا لتجربة نسبة الخطأ فى مجال التنظير، و من هنا كان لزاما على تذكير إخواتى ( بالتاء) فى الحركة بعدة نقاط ممكن تكون مهمة:
أولا : أنه فى تراثنا أن السياسة على مستويات متراتبة بعضها فوق بعض ، لا تبلغ تاليها قبل أن تصيب أولها
و أن أول مراتب السياسة هى "سياسة النفس" ، فتهذيب النفس ، و حملها على الصبر على مكاره الناس و أذاهم، و إجبارها على الضبط ، و كظم الغيظ ، و تنقية اللفظ ، و حسن المطلع هو ألف باء سياسة .
ثم أن ثانيها "سياسة الخاصة" من الأهل و الأصحاب ، و بها ينتقل الإنسان من كونه صالحا فى نفسه لكونه مصلحا فى دائرته الخاصة ، و بها ينصح الصديق لصديقه ، و يهتم بأمره و يعنى بشلته قبل أن يتعداها لغيرها.
و أن ثالثها "سياسة الولاة و العمال " و بها ينتقل الإنسان لأن يكون مغيرا فى دائرته القريبة ، ككليته ، يهتم بمرافقها و إصلاح مبانيها ، حال طلابها ، و موظفيها ، و أن يشغل باله بأمر مكانه قبل أن يشغل باله بخارجه ، والنضال فى النهاية ليس معناه أن أنا اقعد اتفرج على باسم يوسف ، و اشتم فى مرسى ، و البس حمالات و ارقص عريان و اتريق على ابراهيم عيسى ، و انتف فى ريش حمدين ، و احلل تويتات البوب العبقرية.
النضال السياسى يبدأ من أكل المدينة الجامعية الذى نأكله ، وحال المدرج الذى ندرس فيه ، و نظافة الحمام الجامعة .
النضال السياسى قد يكون فى نشر ملزمة ، و المطالبة بمحتوى منهج لأستاذ متعنت ، و فى نصرة طالب يتظلم من درجة امتحان ظالمة ، و فى مطالبة بشفافية و جودة تعليمية حقيقية فلا تحرقوا جهودوكم فيما لاطائل من ورائه .
أما رابع المراتب فهى "سياسة العامة" أى أمورالبلد الداخلية ، ثم آخرها " السياسة العامة " و هى للأمور الخارجية للبلد
ثانيا : أن سياستنا من النفس إلى العالم ، فلا ينبغى لنا أن ندعى اهتمامنا بأنفسنا ، و انكفائنا عليها و انطوائنا عن العالم ، كما لا ينبغى لنا أن نهتم بما حولنا تاركين أنفسنا لهواها ، نندفع وراءها ، فيشتم هذا ذاك ، و يتعصب ذاك على هذا و كل منهما يعتقد خطأ أنه يحتكر الحق .
ثالثا : و أن هذا كله يضعنا تحت قواعد ثلاثة ،
1. أن من لا يسوس نفسه لا يصلح لسياسة غيره .... لو مصلحتش من نفسك مش هتصلح من غيرك
2. أخلاق الفرد هى جزء أصيل لا يتأصل ، و لا ينفصل تحت أى دعوى من السياسة العامة، و أن هذا ليس ضربا من الخيال ، و ليس رومانسية حالمة ، بل هو واقع يجب أن نوجده ، فلا ينبغى أن تنزلقوا لمفهوم السياسة التى يراد لكم الانزلاق فيها ، بل ركزوا الجهود على سحب الناس إلى سياستكم أنتم التى تفرضونها.
3. مراعاة مساحات الفصل و الوصل بين أركان الحياة الأربعة ( الشخصى ، و الخاص ، و العام ، و السياسى ) فلا نستخدم عيبا شخصيا فى خصومة سياسية ، و لا نقتحم حياة أحد الخاصة لنزج به فى ممارسة عامة ، و لا تستغل عمل عام لمصلحة سياسية ... أقيموا للفصل مقامه و للوصل مقامه .
و عليه و أكبره أنه لا داعى أبدا للرد على أى نوع من أنواع السباب أو الشتائم أو التريقة و خلافه . من أراد أن يكون كبيرا لا بد أن يترفع عن الصغائر ، و كل من تطلع لأكبر ازداد تنازله عن الأصغر ، و من تصدر للعمل فى خدمة العامة لا بد أن يتحمل أذى بعضهم ، فالمؤمن الذى يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذى لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ، و أنه إذا كانت العزلة عبادة الضعفاء وصيد الشياطين ، فالمخالطة الغير مضبوطة فتنة ، و مفسدة درءها مقدم على منفعة المقعد فى الاتحاد.
وأتمنى من لجنة انتخابات الاتحاد فى الحركة أن تضع ميثاق شرف أخلاقى للمنافسة ، و للممارسة ، و أن تكونوا جميعا قدوة فى الخير .
نفع الله بنا و بكم
*أمين الجامعات فى حركة طلاب مصر القوية