استشعار معية الله وحسن الظن والأخذ بالأسباب والصبر

استشعار معية الله وحسن الظن والأخذ بالأسباب والصبر الداعية إيناس مصطفى تقدم وصفة للتفاؤل فاطمة خليل الإثنين 18-02-2013 23:05 الداعية إيناس مصطفى

كثير من الناس يفقد الأمل سريعاً كلما واجه مشكلة أو أصابته مصيبة، ويلجأ إلى التشاؤم والحزن، وهنا تنصح الداعية الإسلامية إيناس مصطفى بضرورة التمسك بالتفاؤل والأمل، لأننا نحتاج له فى وقت الأزمات ، حتى نشعل نوراً فى الظلمات.

وأوضحت أن المشكلات والابتلاءات جزء من حياة الإنسان، فلا توجد حياة بدون مشاكل، وهل ننسى أن الدنيا التى نعيشها دار ابتلاء واسمها يأتى من "دنىء"، ولكن المهم أن نعرف كيف نتعامل مع هذه المشاكل، والانسان المميز هو الذى يعرف يتعامل مع مشاكله ويحول المحنة إلى منحة.

وأشارت إلى أن الإنسان لا يستطيع أن يكون متفائلاً إلا اذا كان موجود لديه بعض الأشياء تمكنه من التفاؤل وبدونها لايقدر أن يتفاؤل، حيث توجد مقومات للتفاءل لا تستقيم حياة الشخص من غيرها؛ فإذا فقدها الإنسان تحول إلى شخص متشائم دائما ينظر للحياة من "خرم ابرة"، لايرى إلا نصف الكوب الفارغ.

وقالت أن أهم مقومات التفاؤل هو استشعار معية الله، فهو رب العالمين القوى الجبار القهار الذى خلق الكون وقادر على أن يرزقنى مثلما يرزق كل خلقه، وأن الله يقف بجانبنا ويقبل دعوة السائل ، حسب قوله سبحانه وتعالى{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).

وثانى مقومات التفاؤل ، بحسب ما قالت الداعية إيناس مصطفى، هو حسن الظن بالله، ففى الحديث القدسى يقول النبى صلى الله فيما يرويه عن ربه(أنا عند ظن عبدى بى فليظن بى ما شاء)، ومن هنا التفاؤل يأتى من تصديقنا لوعد رب العالمين، حسب قوله سبحانه وتعالى{وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئًا{، وقول الامام ابن القيم(أنه من ظن أن الله لن ينصر أولياءه ولن ينصر دينه فقد أساء الظن مع الله)، وقول ابن مسعود رضى الله عنه (أكبر الكبائر الإشراك بالله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله)،وكل الحادثاتِ وإن تناهت فموصولٌ بها الفرجِ القريب.

وأشارت إلى أن التشاؤل يدخل الإنسان فى دائرة سوء الظن زى مابقوللنا العلماء وهو ما يجعلنا نتذكر قوله تعالى{يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}.

وثالث مقومات التفاؤل، بحسب قولها ، هو الأخذ بالأسباب، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(حسن الظن من حسن العبادة)، حيث توجد علاقة طردية بين الأخذ بالأسباب والنجا، ولو الانسان اجتهد ربنا يهديه للحق (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام"إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها).

وأكدت أن رابع مقومات التفاؤل هى الصبر فى ناس كتير قد تكون عندها حسن ظن ومجتهدة وتأخذ بالأسباب ولكن تستعجل النتائج ، ولكن كل شئ يأتى بتدرج ويحتاج إلى وقت وصبر، وقول الله تعالى {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)، وانتظر البشرى من رب العالمين فى قوله {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، وقول رسولنا الكريم(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، مضيفة أن علماؤنا يقولوا أن البلاء أمر طبيعى ولكن الصبر هو أول علاج البلاء، {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ{.

وأضافت أن التفاؤل وحسن الظن بالله هو ذكر نعمة الله سبحانه وتعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ)، والتشاؤم يعنى أنك لا ترى نعمة ربنا ، واحذر قوله تعالى( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُجْرِمِينَ) ، وهو تعبير قرآنى يعبر عن استحالة دخول الكافرين الجنة ويعبر عن الاستحالة والتشاؤم من حدوث شيء معين، كما أن التفاؤل سُنة نبوية رسولنا وصانا بها ، حيث قال : "من قال هلك الناس فإنه أهلكهم، و"الخير باق فى وفى أمتى إلى يوم الدين".

ودللت على التفاؤل بمواقف عملية من حياة الرسول، حينما رفضت الدنيا كلها دعوته فى بدايتها ولم يعرف أن ينشرها فى مكة فتوجه إلى الطائف، ولكنهم طردوه ورموه بالحجارة، فينادى ملك الجبال النبى "يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثنى ربك إليك لتأمرنى بأمرك فيما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟"، فقال له الرسول"بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا".

وأضافت أن أخطر الأنباء التى جاءت للمدينة المنورة فى عهد الدولة الإسلامية كان حرب الأحزاب التى تجمع خللها أربعة وعشرون ألف مقاتل من قبائل العرب تحزبوا لحرب الرسول وأصحابه، فلما سمع المؤمنون الصادقون الخبر يقول تعالى{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا{، ونتامل رد فعل المنافقين {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا} ولكن فى النهاية تحقق النصر للمؤمنين وصدق وعد الله.